الاثنين، 15 أغسطس 2011

فندق شبرد .. ملتقى الملوك والعظماء


فندق شبرد العريق عرفه العالم تماماُ كمعرفتهم بالأهرامات وأبو الهول. فالأمر الذي لا شك فيه هو أن فندق شبرد كان ولا يزال أهم الفنادق في تاريخ مصر. منذ ستين عاماً تقريباً كتب أحدهم أن أهمية فندق شبرد لا ترجع إلى ضخامته ففي الدنيا مئات من الفنادق الأضخم والأفخم، ولكنه فندق تاريخي.. فمن شرفته أطلت أوروبا على مصر لأول مرة وفي جنبات الفندق القديم، كانت السياسة الشغل الشاغل لكثير من الزعماء والقواد الذين أمشوا فيه بعد الوقت على مدار مائة عام. بداية الفندق القديم الذي كان موقعه في شارع ابراهيم (الجمهورية حالياً) بالقرب من حديقة الأزبكية وميدان الأوبرا تعود إلى عام 1841 حينما جاء صامويل شبرد إلى مصر للبحث عن قطعة أرض تصلح لإنشاء فندق واختار موقع قصر قديم متهالك استخدمته الحملة الفرنسية خلال وجودها في مصر وكان هذا القصر مقراً الذي تولى قيادة الحملة الفرنسية بعد عودة نابليون بونابرت إلى فرنسا. كان هذا القصر مقراً لقيادة الحملة وفي ساحته لقي كليبر مصرعه على يد سليمان الحلبي. وقبل أن يصبح هذا المبنى فندقاً، كان قصراً للأميرة زينب ابنة محمد على وكان حينها يطل على بركة الأزبكية، ثم جعله محمد على مقراً لمدرسة الألسن ومنه نقلت المدرسة إلى مكان أخر، واستأجره بعدها صمويل شبرد بشراكة مع بريطاني يدعى هيل وأسمياه الفندق البريطاني الجديد. وفي فنائه حفر حماماً للسباحة. وبمرور الوقت اتسع الفندق وزادت مبانيه وتم تجديد محتوياته. كان الهدف من الفندق في البداية هو توفير إقامة مريحة للأعداد المتزايدة من السياح إلى مصر ومسافري الترانزيت من أوروبا إلى الشرق الأقصى والهند. ونظراُ للخدمة المتميزة التي تمتع بها نزلاء هذا الفندق، أكتشب صمويل شبرد وفندقه سمعة عالمية، حتى أن هذا الفندق كان حديث الصحافة العالمية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. فمجلة أخبار لندن المصورة الشهيرة كتبت عنه في عام 1857 قائلة: "ربما لا يمكن لك بأي فندق في العالم أن ترى هذا الخليط من البشر ذوى المكانة المرموقة من مختلف دول العالم كما يرى المرء بشكل يومي لو جلس على منضدة في الصالون الرئيسي بفندق شبرد.
في عام 1869 نزل بالفندق عدد كبير من الشخصيات العالمية التي جاءت لمصر لحضور حفل افتتاح قناة السويس بدعوة من الخديوي إسماعيل. وكان على رأس الزوار الملكة الفرنسية «أوجيني» التي استقبلها الخديوي إسماعيل في فندق «شبرد» وأقام مأدبة ضخمة على شرفها، وبعدها صار الفندق المكان المفضل لإقامة الزعماء والملوك والرؤساء والشخصيات البارزة في العالم. ولا يتسع المجال لذكر أسماء من نزلوا بهذا الفندق الذي يشمل كتابه الذهبي آلافاً من مشاهير العالم منهم ملك بريطانيا أدوارد السابع ورئيس وزرائها الأسبق ونستون تشرشل، ورئيسا الولايات المتحدة السابقين تيودور روزفلت وهوفر وفيصل ملك العراق وملوك بلغاريا وإيطاليا وأعضاء وفود الدول العربية الذين جاءوا إلى مصر لحضور مراسم افتاح جامعة الدول العربية في اربعينيات القرن الماضي وكثيرين غيرهم.
من المعلومات التي لا يعرفها كثيرين عن هذا الفندق الذي صار أثراً بعد عين أنه احترق مرتين، الأولى في عام 1868 حينما أتت النيران على الفندق بالكامل وأعيد بناؤه مرة أخرى والمرة الثانية أثناء حريق القاهرة وهو الحريق الذي أدى لتدميره وبعدها انتقل إلى مكانه الحالي بالقرب من كوبري قصر النيل.
تمتع سجل النزلاء في شبرد القديم بشهرة غير عادية، ففي هذا السجل الذي يبدأ من عام 1851، كان على النزيل أن يسجل إسمه وإسم السفينة التي ابحرت به من الميناء الأجنبي إلى ميناء مصر ويرسم أمام الإسم علم السفينة الذي يميز الدولة التابعة لها.
لم يقتصر نزلاء الفندق على الشخصيات العالمية فحسب، بل كان أيضاً ملتقى للطبقات الراقية من سياسيين ومفكرين وأبرزهم في القرن الماضي سعد زغلول ومصطفى النحاس إضافة إلى أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وكبار رجال الاقتصاد، فقد كانت شرفة هذا الفندق الفسيحة هي المكان المفضل للعظماء لتناول فنجان الشاي. ولم يتوقف الأمر على ذلك، حيث كان الفندق مقراً لقيادة قوات الحلفاء خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية.
عاد الفندق بعد حريق القاهرة إلى الوجود مرة أخرى ولكن في مكان مختلف وبشكل جديد. ففي عام 1957، تم افتتاح المبنى الجديد للفندق في الحي الذي يعد اليوم حي السفارات بالقرب من السفارات الأمريكية والبريطانية والإيطالي وتم تجديده في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وهو اليوم يتكون من 302 غرفة علاوة على العديد من القاعات المختلفة. أما الموقع القديم للفندق بتاريخه الحافل، فصار اليوم موقعاً لمحطة وقود تقابل بقايا حديقة الأزبكية.
شريف على











هناك تعليق واحد: