

ربما أطرف القصص التي تتعلق بفوانيس رمضان تعود إلى عصر الحاكم بأمر الله الفاطمي المشهور بتحريمه للموخية، حيث سبق له وأصدر مرسوماً بألا تخرج النساء ليلاً في مصر إلا إذا تقدمهن صبي يحمل فانوساً. وفي سنوات لاحقة لحكمه، صدر أمر بأن يتم تعليق فوانيس مضاءة على أبواب البيوت ومآذن المساجد من المغرب وحتى طلوع الفجر.
أستمر وجود الفانوس كأحد أهم معالم شهر رمضان خلال العصور التالية وتعددت الألوان والأحجام فمنه الكبير الذي يستخدم لأغراض الإنارة لأسرة بأكملها ومنه الصغير الذي يتسخدم لإنارة الطريق ولتسلية الأطفال.
في بدايات القرن الماضي بدأ الفانوس يأخذ شكله الذي عرفناه خلال القرن الماضي قبل ظهور الفوانيس الصينية. وكانت أشهر أنواع الفوانيس هي المركب والترام والمرجيحة وأبو سبله وعبد العزيز وغيرها. وكانت تلك الفوانيس تصنع من الصفيح وقطع الزجاج الصغيرة. وعلاوة على فوانيس الأطفال أنتشرت في مدن مصر خلال القرن الماضي فوانيس الحارات الكبيرة التي يقوم السكان بتركيبها في منتصف الحارة أو الشارع وكانت تصنع من الخشب والورق وفي الزجاج.
والواضح أنه خلال تلك الفترة كان الفانوس رمزاً قومياً في مصر حتى أن حكام البلاد كان يقومون مع بداية شهر رمضان بإرسال فانوس فخم إلى السلطان العثماني الذي كانت مصر تتبعه حتى منصف العقد الثاني من القرن الماضي.
ازدهرت تجارة الفوانيس الرمضانية وانتشرت في مصر خلال الفترة ما بين 1918 و1935. وفي تلك الفترة تعددت أشكال الفوانيس وتنوعت أحجامها وتطورت أيضاً فبعد أن كانت الفوانيس تضاء بالشموع كانت غالبيتها خلال تلك الفترة تضاء بمادة الكرون الأبيض الذي يجعلها تبدو كما لو كانت مصباحاً كهربياً. أما أسعار الفوانيس فكانت تتراوح ما بين مليمين و5 قروش وفقاً لحجمه والمواد الخام المستخدمة في صناعته.
اختلف الحال اليوم مع ظهور الفوانيس الصينية التي صارت تنافس الفوانيس المصرية بسبب رخص سعرها وإن كانت الأخيرة لا تزال تنتج في بعض مناطق القاهرة مثل تحت الربع والسيدة زينب بل ويصدر بعض هذا الإنتاج إلى الخارج.
لم تكن تلك الفوانيس الصغيرة التي يلهو بها الأطفال مجرد لعبة بل رمز يرتبط في أذهان الصغار والكبار معاً بقدوم الشهر الكريم. ولا يزال هذا الرمز حاضراً في اذهاننا حتى اليوم.
شريف على
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق